كيف يمكن لتغير المناخ أن يجعل زراعة البن في مصر حقيقة واقعة؟
نجحت إحدى التجارب المصرية في زراعة حبوب البن، لكن المحللين يعتقدون أن العوامل البيئية لا تزال غير مواتية لتوطين هذا المحصول.
القاهرة – إنتشر الإعلان الشهر الماضي عن نجاح معهد بحوث البستنة في مصر في توطين زراعة البن بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي ولفت انتباه وسائل الإعلام.
قام فريق من الباحثين من منظمة HRI التابعة لوزارة الزراعة بإجراء تجارب على زراعة القهوة في البلاد منذ عام 2007. ولم يتوصلوا إلى نجاح حتى أبريل، عندما حصد الباحثون القهوة لأول مرة في مدينة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية. المحافظة، حيث تنتج كل شجرة سبعة إلى تسعة كيلوغرامات من حبوب البن.
هل التغيرات المناخية نعمة لزراعة البن المصري؟
دفعت التغيرات المناخية التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين بسبب تغير المناخ – بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة وزيادة هطول الأمطار – وزارة الزراعة ل اعتماد خطط لزراعة المحاصيل الاستوائية غير المألوفة في مصر. والهدف من ذلك هو تقليل تكاليف استيراد بعض المنتجات مع ارتفاع الأسعار العالمية بسبب تغير المناخ وتقليل الطلب على العملات الأجنبية. ويؤدي نقص العملة الأجنبية إلى حد كبير إلى تأجيج الأزمة الاقتصادية في مصر.
يعتقد فريق بحث HRI أن زراعة حبوب البن محليًا أصبحت الآن ممكنة بسبب زيادة الرطوبة الناجمة عن التغيرات المناخية، حيث تزدهر محاصيل البن في الرطوبة العالية. وتزرع نباتات القهوة باستخدام أنظمة الري بالرذاذ تحت الأشجار مثل أشجار النخيل والأفوكادو والمانجو لضمان الحماية من أشعة الشمس المباشرة التي يمكن أن تجفف أوراق الشجرة أو تحرقها.
وحتى مع انتشار التجربة الناجحة على وسائل التواصل الاجتماعي وتغطية الصحافة المحلية لها على نطاق واسع، وجهت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي الفريق بعدم الترويج لهذا الإنجاز. وفي اجتماع مع الفريق البحثي لمعهد حقوق الإنسان يوم 24 أبريل، وجه وزير الزراعة السيد القصير الوزارة بالامتناع عن إعلان نتائج أي تجارب بحثية قبل تقييم نتائجها بشكل كامل.
جمال عبدربه، أستاذ البستنة بكلية الزراعة بجامعة الأزهر، تحدث لـ"المونيتور" عن التجربة. وأوضح عبد ربه أن "جودة حبوب البن المزروعة محلياً ونسبة الكافيين والحموضة مقارنة بمعايير جودة أفضل أنواع حبوب البن العالمية هي عوامل أساسية في نجاح زراعة البن محلياً".
وتابع عبد ربه: “لا نريد التقليل من أهمية أي تجربة بحثية. وما زلنا بحاجة لمزيد من الدراسات حول الجدوى الاقتصادية والعائد على زراعة البن محليا لأغراض الاستهلاك، وتقبل المستهلك للمنتج المصري". وأشار إلى أن تجربة HRI لا تزال في مراحلها الأولية، وقال إنها "تقتصر على منطقة صغيرة في محيط محافظة القليوبية. وسيكون من الجيد إجراء التجارب في مناطق أخرى في مصر أقرب إلى المناخات الاستوائية.
ومع ذلك، يقلل بعض الباحثين من إمكانية توطين زراعة القهوة في مصر، بحجة أن الظروف المناخية في البلاد ليست مماثلة بما فيه الكفاية للمناخ الاستوائي الذي تزدهر فيه حبوب البن. ويؤكدون أن البحث يجب أن يركز على المحاصيل الغذائية الأساسية في النظام الغذائي المصري مثل القمح والأرز والذرة، والتي تستوردها مصر بكميات كبيرة.
عبد الباسط العقيلي هو استشاري تغذية النبات في مركز بحوث الصحراء، وهو مركز أبحاث محلي تابع لوزارة الزراعة يعمل على تحقيق التنمية المستدامة في المناطق الصحراوية. وهو ليس متفائلاً بشكل مبالغ فيه بشأن زراعة البن في مصر.
وقال العقيلي للمونيتور: "إن عدم توفر المتطلبات البيئية للمصنع مثل مدة سطوع الشمس والرطوبة ودرجات الحرارة من شأنه أن يسبب خللاً فسيولوجياً".
وأضاف: "التغير المناخي قد يسمح بزراعة أصناف جديدة من الإنتاج، لكن العوامل المناخية في مصر لا تزال غير مناسبة لزراعة القهوة ما لم يتم إجراء تعديل وراثي أو تهجين للبذور".
أزمة القهوة
وارتفعت أسعار القهوة في مصر خلال الأشهر الأخيرة. ووفقا لبيانات شهر مارس الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، شهدت أسعار القهوة والشاي والكاكاو زيادة بنسبة 57.9% في ديسمبر 2023 مقارنة بشهر ديسمبر 2022.
وأرجع موزعو القهوة ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار. وقال حسن فوزي، رئيس قسم القهوة في الغرفة التجارية بالقاهرة، في تصريحات صحفية في فبراير/شباط، إن السبب الآخر لارتفاع أسعار القهوة هو التوتر في البحر الأحمر، حيث يهاجم المتمردون الحوثيون في اليمن الشحن التجاري، مما يساهم في تفاقم الوضع. ارتفاع رسوم الجمارك والشحن.
بلغت واردات مصر من القهوة غير المحمصة أو منزوعة الكافيين 167.6 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من عام 2023، بارتفاع 1.9% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفقا لبيانات التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. يستهلك المصريون حوالي 70 ألف طن من القهوة سنويًا.
في 28 أبريل/نيسان، زار "المونيتور" مقهى "شاهين" الشهير في القاهرة، حيث تجاوزت أسعار القهوة اليمنية والإثيوبية 1200 جنيه مصري (25 دولاراً) للكيلو الواحد.
وقال محمود فتح الله، أحد العاملين في المقهى، لـ"المونيتور": "خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ارتفعت أسعار القهوة بنسبة تصل إلى 50% لبعض الأصناف، ووصل سعر البن اليمني إلى 1280 جنيهاً للكيلو الواحد [27 دولاراً]". ".
وقال التقرير السنوي للمنظمة الدولية للبن لعام 2023 إن مصر إلى جانب الجزائر والمغرب وجنوب أفريقيا سجلت انخفاضا مجتمعا بنسبة 13.6% في استهلاك القهوة مقارنة بعام 2021 بسبب انخفاض النمو الاقتصادي وما يرتبط به من ضعف القوة الشرائية.
وفي المقابل، زاد استهلاك مصر من السلع الغذائية الأساسية مثل القمح والذرة والأرز العام الماضي. وكانت واردات القمح من أهم السلع المستوردة في عام 2023، حيث ارتفعت الواردات المصرية بنسبة 92.5% عن عام 2022، وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
قال البنك الدولي في تقريره عن الأمن الغذائي الذي صدر في أبريل/نيسان إن مصر من بين الدول التي تشهد أعلى معدلات تضخم حقيقي في أسعار الغذاء، بمعدل 12% على أساس سنوي. وتسعى الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى ضمان الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الاستراتيجية من خلال إنتاجها الزراعي المحلي من خلال تنفيذ العديد من المشاريع الوطنية لاستصلاح الأراضي وزراعتها. وتشمل هذه المشروعات استصلاح 1.5 مليون فدان، ومشروع شرق العوينات، ومشروعي الدلتا الجديدة ، ومشروع توشكي.