الحفريات السعودية تكشف عن مستوطنة بشرية عمرها 11 ألف عام
يعود تاريخ الاستيطان إلى ما بين 11000 و10300 سنة مضت، في العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار.

أعلن وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، اليوم الخميس، أن الحفريات في شمال غرب المملكة العربية السعودية كشفت عن هياكل حجرية وقطع أثرية يعود تاريخها إلى نحو 11 ألف عام، ما يمثل أقدم مستوطنة بشرية معروفة في شبه الجزيرة العربية.
تم اكتشاف المستوطنة في موقع المصيون، شمال غرب مدينة تبوك السعودية، خلال أعمال التنقيب الأثري التي نفذتها هيئة التراث في المملكة بالشراكة مع جامعة كانازاوا اليابانية وبالتعاون مع نيوم .
كشفت مواسم التنقيب الأربعة، التي انتهت في مايو 2024، عن مجموعة من الهياكل الحجرية نصف الدائرية المستخدمة للسكن والتخزين، بالإضافة إلى آثار حفر نار. كما اكتشف الباحثون مجموعة متنوعة من الأدوات الحجرية، بما في ذلك رؤوس سهام وسكاكين وأحجار طحن، إلى جانب قطع زخرفية مصنوعة من الأمازونيت والكوارتز والأصداف.
أُدرج موقع المصيون لأول مرة في سجل الآثار الوطني للمملكة عام 1978، لكن أهميته لم تتضح إلا بعد بدء أعمال التنقيب المتجددة في أواخر عام 2022. وقد أثبت علماء الآثار أنه يمثل أقدم مستوطنة معروفة في شبه الجزيرة العربية، ويعود تاريخها إلى ما بين 11000 و10300 عام إلى العصر الحجري الحديث ما قبل الفخار، والذي أعقب نهاية العصر الجليدي الأخير ويمثل إحدى أقدم مراحل الحياة البشرية المستقرة.
كُشف أيضًا عن موقع آخر في المملكة، وهو كهف أم جرسان شمال المدينة المنورة، والذي يحتوي على أدلة على استيطان بشري يعود تاريخه إلى ما بين 7000 و10000 عام. وقد عثرت الحفريات في الكهف، التي أجرتها جامعة الملك سعود وهيئة المساحة الجيولوجية السعودية ومعهد ماكس بلانك الألماني، على عظام حيوانات يعود تاريخها إلى حوالي 4100 قبل الميلاد، وجماجم بشرية يُقدر عمرها بحوالي 6000 قبل الميلاد، وأدوات حجرية وفنون صخرية تُصوّر أشخاصًا يمارسون الصيد ورعي الماشية.
يبلغ طول الكهف 1350 مترًا، وارتفاعه 12 مترًا، وعرضه 45 مترًا، وهو أحد أطول أنابيب الحمم البركانية المعروفة في المنطقة. أنابيب الحمم البركانية هي أنفاق طبيعية تتشكل عندما تبرد الحمم البركانية المتدفقة على السطح، بينما تستمر الحمم المنصهرة في التدفق تحتها، تاركةً ممرًا أجوفًا بعد تصريفها.
تُضاف الاكتشافات الأخيرة في المصيون وأم جرسان إلى سلسلة الاكتشافات المتنامية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت هيئة التراث السعودي عن عدد من الاكتشافات المهمة المتعلقة بالمستوطنات البشرية القديمة في جنوب البلاد في موقع الأخدود، بالقرب من مدينة نجران جنوب غرب البلاد. عثر فريق تنقيب سعودي فرنسي مشترك على أساسات مبنى كبير يضم غرفًا وساحات يعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وتماثيل برونزية، ومذبح من الحجر الرملي منحوت على شكل رأس ثور، ومبخرة منقوشة بخطوط قديمة.
وفي مايو/أيار، اختتم فريق آخر من الباحثين الفرنسيين السعوديين العاملين في جزر فرسان مشروعًا استمر لمدة 20 عامًا لدراسة مواقع الدفن والمستوطنات القديمة، حيث عثروا على آثار أبراج مراقبة ومنشآت قديمة يُعتقد أنها جزء من معسكر عسكري يعود تاريخه إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وكان يستخدم لمراقبة وحماية طرق التجارة البحرية.