برنامج "شارك تانك لبنان" ينطلق، ويمنح رواد الأعمال الأمل وسط الاضطرابات الاقتصادية
ظهرت النسخة اللبنانية من برنامج تلفزيون الواقع الأميركي الشهير "شارك تانك" على الهواء مباشرة في لبنان، حيث وصلت معدلات البطالة إلى مستويات قياسية في السنوات الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة والحرب بين إسرائيل وحزب الله.
 
بيروت - انطلقت النسخة اللبنانية من برنامج الواقع الشهير عالميا "شارك تانك" رسميا على شاشات التلفزيون المحلية هذا الشهر، مما يوفر منصة نادرة لرواد الأعمال لعرض أفكارهم على المستثمرين في وقت لا تزال البلاد تكافح فيه أزمة اقتصادية مطولة.
بدأ عرض برنامج "Shark Tank Lebanon" في 16 أكتوبر/تشرين الأول على قناة LBCI المحلية، مع بث حلقات جديدة كل يوم أحد عند الساعة 8:30 مساءً بالتوقيت المحلي.
البرنامج مستوحى من النسخة الأمريكية من برنامج "شارك تانك"، الذي عُرض لأول مرة عام ٢٠٠٩. تدور أحداثه حول رواد أعمال طموحين يعرضون أفكارهم التجارية على لجنة من المستثمرين تُعرف باسم "القروش"، والذين يقومون بتقييم عروض الأعمال. ثم يقرر هؤلاء إما استثمار أموالهم الخاصة مقابل حصة في المشروع أو رفض تقديم عرض.
النسخة الأمريكية نفسها مستمدة من برنامج ياباني بعنوان "نمور المال"، عُرض لأول مرة عام ٢٠٠١. وأُعيد إنتاجه في المملكة المتحدة تحت اسم "عرين التنانين" عام ٢٠٠٥.
تعرف على أسماك القرش
تضم لجنة تحكيم مسابقة أسماك القرش اللبنانية خمس شخصيات أعمال بارزة تركت بصمة مؤثرة في عالم الأعمال المحلي والإقليمي. من بينهم مارون شماس، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة ميدكو، وهي شركة نفط لبنانية رائدة. شماس هو أيضًا رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيريتيك، وهي مركز رئيسي للابتكار وريادة الأعمال في لبنان.
يضم برنامج الحفل أيضًا جورج كرم، رائد أعمال ومستثمر لبناني كندي سبق له المشاركة في النسخة الفرنسية الكندية من برنامج "شارك تانك"، المعروف أيضًا باسم "عرين التنين"، وكريستين أسود، الرئيسة التنفيذية لشركة دانكن دونتس لبنان وعلامة المطاعم اللبنانية "سمسم". وهي أيضًا مؤسسة مبادرة "محفز النمو"، التي تقدم برامج إرشادية وورش عمل لرائدات الأعمال.
ويضم الوفد أيضاً حسن عز الدين، الرئيس التنفيذي لشركة جراي ماكنزي للتجزئة في لبنان، التي تمتلك علامات تجارية مثل سبينس، وهابي، ومنصة نوك نوك للبقالة عبر الإنترنت؛ وآلان بجاني، الرئيس التنفيذي السابق لمجموعة ماجد الفطيم، العملاق الإقليمي الذي يمتلك مول الإمارات وكارفور الشرق الأوسط، إلى جانب العديد من مؤسسات البيع بالتجزئة والفنادق الأخرى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وعن الأسباب التي دفعته للانضمام إلى اللجنة، قال شماس لـ"المونيتور" إنه كان من الطبيعي أن يشارك بصفته رئيسًا لـ"بيريتك".
وقال: "منذ عام 2004، كنت رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة بيريتيك، وهي مبادرة أطلقتها إحدى أقدم الجامعات في لبنان، جامعة القديس يوسف، بهدف استضافة ودعم ودفع رواد الأعمال إلى الأمام ليصبحوا شركات كاملة".
وقال "لقد ساعدت أكثر من 15 ألف رائد أعمال وساعدت في خلق آلاف الوظائف والشركات في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والأغذية الزراعية والتكنولوجيا الزراعية"، مضيفًا أن أكثر من 30 شركة من الشركات التي تم اختيارها للمشاركة في Shark Tank هي شركات تابعة لشركة Berytech.
وبحسب شماس، تلقت قناة LBCI أكثر من 1200 طلب ترشيح واختارت نحو 70 منهم لعرض أفكارهم أمام اللجنة.
أشاد شماس بالمواهب المشاركة في البرنامج، قائلاً: "إن إمكانات الشركات ورواد الأعمال في لبنان عالية جدًا، مما منحنا آمالًا كبيرة لجميع الشركات الناشئة. نتطلع بشوق للموسم المقبل".
وأضاف: "كانت ردود الفعل التي تلقيتها حتى الآن من الجمهور ورواد الأعمال جيدة للغاية؛ فقد أحبوا العرض والتفاعل والديناميكيات والأجواء، مما شجع رواد الأعمال الطموحين على البدء في الاستعداد للموسم المقبل".
بصيص أمل لسوق العمل في لبنان
ويأمل فريق عمل برنامج "Shark Tank Lebanon" أن يحفز العرض رواد الأعمال الطموحين على متابعة أفكارهم التجارية على الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد.
بالنسبة لمازن لحام، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة Different Productions التي أنتجت برنامج "Shark Tank Lebanon"، فإن البرنامج يحمل أهمية رمزية للقطاع الاقتصادي اللبناني.
وقال لحام لصحيفة النهار المحلية في وقت سابق من هذا الشهر: "إنه مصدر أمل للشباب اللبناني المقيمين، ويشجعهم على البقاء والاستثمار في وطنهم، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية والظروف الصعبة التي واجهتها البلاد".
وقال إن السلسلة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز دور المشاريع الصغيرة والناشئة.
انهار الاقتصاد اللبناني في أكتوبر/تشرين الأول 2019 وسط احتجاجات حاشدة على مستوى البلاد ضد الطبقة السياسية الحاكمة، والتي يُلام عليها على نطاق واسع على عقود من الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية.
فرضت المصارف اللبنانية لاحقًا ضوابط غير رسمية على حركة رأس المال ، وقيّدت بشدة عمليات السحب النقدي، بدعوى نقص السيولة، مما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار السلع، وانقطاعات متكررة في الكهرباء، ونقص في الأدوية والوقود. في غضون ذلك، فقدت العملة المحلية أكثر من 90% من قيمتها منذ ذلك الحين، مما دفع أكثر من نصف السكان اللبنانيين إلى براثن الفقر.
 وتعود أحدث البيانات المتاحة عن معدلات الفقر في لبنان إلى عام 2022، عندما تضاعف الفقر أكثر من ثلاثة أمثاله خلال العقد الماضي، مما أثر على 44% من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 5.8 مليون نسمة في عام 2022 مقارنة بـ 12% في عام 2012، وفقا للبنك الدولي.
 ويقدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الاقتصاد اللبناني انكمش بنسبة 38% بين عامي 2019 و2024. كما انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأكثر من 38% منذ عام 2019، لينكمش بنسبة 6.6% في عام 2024، وفقًا للبيانات نفسها.
وقد أدت الحرب التي استمرت 13 شهراً بين إسرائيل ولبنان العام الماضي، إلى جانب هجرة الأدمغة من البلاد على مدى عقود من الزمن، إلى تفاقم الوضع الاقتصادي.
وفي يوليو/تموز، كشف تقرير عن التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لحرب عام 2024 ــ أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، بالتعاون مع اليونيسف ومنظمة العمل الدولية وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية ــ أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، التي تمثل 90% من اقتصاد لبنان، تأثرت بشدة بالصراع، حيث أُجبر 15% منها على الإغلاق بشكل دائم، وتوقف 75% عن عملياتها أثناء الحرب، وخسر ما يقرب من 30% قوتها العاملة بالكامل.
وفقًا لمنظمة العمل الدولية، ارتفعت معدلات البطالة في البلاد من 11.4% في عامي 2018 و2019 إلى 29.6% في عام 2022، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة. وفي تقرير صدر في يوليو، أشارت الوكالة الأممية إلى أن البطالة مرتفعة بشكل خاص بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، حيث بلغت 47.8%، مقارنةً بـ 25.6% بين كبار السن.
لا يزال نقص فرص العمل وانعدام الأمن والاستقرار السياسي يدفع الشباب والمهنيين المؤهلين إلى مغادرة البلاد بحثًا عن فرص أفضل. وقد أظهر استطلاع رأي أجرته منظمة الباروميتر العربي قبل أشهر من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله في أكتوبر/تشرين الأول 2023 أن 38% من أصل 2400 مواطن لبناني شملهم الاستطلاع أعربوا عن رغبتهم في مغادرة البلاد - وهي النسبة نفسها المسجلة عام 2022، ولكنها أعلى من 26% المسجلة عام 2018.
 
               
 
 
 
